“هذا الاحتفاء من كل عام يأتي ليسلط الضوء على الأشخاص ذوي الإعاقة، وفي هذا العام حيث التركيز على دور الابتكار في بلورة عالم منصف، تتيسر فيه سبل الوصول لهم وتكافؤ الفرص والإمكانيات على كافة الأصعدة. ولعل ما يواجهه عالمنا وسلسلة الأزمات التي لا مناص من تأثيرها على الأشخاص ذوي الإعاقة، تأثيرا غير متناسب مع ما يعانونه ويواجهونه بحكم ظروفهم الخاصة، والتي تتطلب مناخاً وبيئةً صحية لهم، من شأنها مساعدتهم والرقي بهم. مما يجعلنا نقف بجدية تُجَاهَ توفير حلول عملية وجذرية لإنقاذ أهداف التنمية المستدامة وعدم ترك أحد من أفراد هذا المجتمع الفاعل خلف الركب”.
يحي العالم في 3 ديسمبر اليوم الدولي للأشخاص ذوي الاعاقة ، معظم الأفراد سيعاني من إعاقة مؤقتة أو دائمة في وقت ما من حياتهم، وعلى الرغم من ذلك، هناك عدد قليل من البلدان التي تتوافر فيها آليات كافية لتلبية احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة على وجه تام. تقول المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق ذوي الاعاقة :”إن واحد من بين كل سبعة أشخاص في العالم يعاني من إعاقة، أي حوالي مليار شخص، وتعيش الغالبية العظمى منهم في البلدان النامية، أكثر من 80% منهم فقراء”.
في ليبيا وخلال هذا العام حدثت بعض التطورات التي وصفها البعض بالإيجابية في تحسين وتطوير أوضاع الفئات المستهدفة من ذوي الإعاقة. حيث قام صندوق التضامن الاجتماعي بتوقيع اتفاقية مع شركة “هونداي” لتوريد سيارات لذوي الاحتياجات، تتكفل الحكومة بدفع 50% من قيمة هذه السيارات . كما أعلنت الرابطة العامة للأشخاص ذوي الإعاقة في ليبيا عن صرف الإعانة المنزلية لذوي الإعاقة اعتبارًا من شهر أكتوبر الماضي بقيمة شهرية 600 دينار، وتخصيص مبلغ 60 مليون دينار ميزانية لهذه الاعانة .
حسب الاحصائيات الواردة بالكتاب الاحصائي لعام 2009 ، بلغ عدد الأشخاص ذوي الاعاقة ما يزيد عن 82 ألفاً، تزايد هذا العدد إلى أكثر من 103 ألف في عام 2017 حسب تصريح مدير إدارة شؤون المعاقين بوزارة الشؤون الاجتماعية . ولا يزال عدد الأشخاص ذوي الإعاقة يرتفع بسبب المواجهات المسلحة والأعمال العدائية التي تندلع في ليبيا بين الفينة والأخرى، حيث بلغ عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في ليبيا 120 ألفاً حتى نهاية عام 2018 حسب تصريح للحكومة السابقة (حكومة الوفاق الوطني) ، والتي أكدت أن الإحصاء لا يشمل عدد الإعاقات بسبب الإصابات في المواجهات الأخيرة التي وقعت خلال الفترة من أبريل 2019 إلى يونيو 2020. ويعد هذا مؤشراً خطيراً لتزايد عدد المحتاجين للرعاية والاهتمام خصوصاً في ظل جائحة كورونا التي غاب عن سياسات جميع السلطات الاهتمام فيها بهذه الشريحة من المجتمع.
في 24 فبراير 2013 صادقت ليبيا على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الاعاقة ، من خلال القانون رقم 2 لعام 2013 الذي أصدره المؤتمر الوطني العام، إلا أنه لم يتم إيداع صك الانضمام إلى الاتفاقية إلا بتاريخ 13 فبراير 2018 . بانضمام ليبيا إلى هذه الاتفاقية أصبحت الدولة ملزمة بمراجعة التشريعات المحلية للتأكد من مطابقتها مع بنود الاتفاقية
كما تابعت الجهات الحقوقية والمراقبين القصور الواضح من قبل الدولة الليبية في تنفيذ الاتفاقية التي صادقت عليها، على الرغم من الجهود التي تبذلها الحكومات المتعاقبة ومنها ما أعلن عنه رئيس حكومة الوحدة الوطنية عن توزيع الدفعة الأولى من السيارات المخصصة للأشخاص ذوي الإعاقة في إطار سعي الحكومة لما وصفته بـ “حل مشكلة المواصلات” لأفراد هذه الشريحة. وخلال حفل التوزيع، أعلنت الحكومة عن “إطلاق مشروع دعم الشرائح غير المشمولة باستلام السيارات بقيمة 50 مليون دينار، تقدم على شكل مشاريع صغرى” . وعلى الرغم من هذا المبادرات لا زال الوضع العام لحقوق ذوي الإعاقة يشهد الكثير من النقص في حقوقهم، وبهذه المناسبة توصي المنظمات الموقعة على هذا البيان على التالي:
1) حق سهولة الوصول: يعاني ذوي الاعاقة في ليبيا من صعوبة التحرك والوصول للأماكن العامة من اجل احتياجاتهم اليومية، معظم المباني الادارية والحكومية لا تحتوي على مداخل خاصة بذوي الإعاقة، أو انها لم تجهز بالشكل الصحيح الذي يمكنهم من استخدامها بسهولة، ولا تزال المصاعد لا تحتوي على ارقام بارزة حتى يتمكن المكفوفين من استخدامهاـ فضلاً عن عدم توفر الارصفة الملائمة لاستخدامها في التنقل من مكان لآخر.
2) حق التعليم: لا تزال الدولة عاجزة عن تلبية احتياجات ذوي الإعاقة في مجال التعليم، حيث تشير الاحصائيات إلى أن نسبة كبيرة منهم لا يتمكنون من الحصول على التعليم والتأهيل المهني الكافي، حتى في حال توفرها نجد أن أغلبها في المدن فقط، وهذا يخل بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص ويمنعهم من المشاركة الفعالة في تنمية المجتمع.
3) حق توفير الرعاية الصحية المناسبة: تعاني مراكز تأهيل ذوي الاعاقة في ليبيا من تردي الخدمات بشكل كبير، ابتداءً من عدم توفر الكوادر الطبية والطبية المساعدة، سواء من ناحية العدد أو التأهيل والتدريب، عدم توفر الأدوية والمعدات، عدم وجود مراكز متخصصة لتوفير الأطراف الصناعية، عدم توفر مراكز بحثية متخصصة في شؤون ذوي الإعاقة.
4) فرص العمل: من واجب الدولة العمل على إنفاذ وتطوير القوانين والتشريعات المتعلقة بدعم المساواة في فرص العمل لذوي الاعاقة مقارنة مع الآخرين، كما يجب على الدولة العمل على وضع برامج التأهيل وإعادة التأهيل المناسبة لذوي الاعاقة من أجل رفع فرص حصولهم على وظائف في القطاع العام والخاص.
5) التوعية بحقوق ذوي الاعاقة ومناهضة التمييز: يقع على عاتق الدولة والإعلام والإدارات المحلية والمجتمع المدني، كل حسب امكانياته وقدراته، العمل على نشر ثقافة المساواة وعدم التمييز التي تنال من كرامة وأحاسيس ذوي الإعاقة، ووضع استراتيجيات وبرامج وطنية لرفع المستوى الثقافي للمجتمع وتشجيع ذوي الإعاقة للاندماج في برامج التنمية والتطوير من الحقوق الأساسية لذوي الإعاقة.
المنظمات والمؤسسات الموقعة على هذا البيان توصي بأن التصديق على الاتفاقية الدولية لحقوق ذوي الاعاقة، يجب ألا يكون هدفه الاستهلاك الاعلامي وإظهار ليبيا في مصاف الدول المتقدمة في مجال المحافظة على حقوق ذوي الإعاقة، بل هو إلزام والتزام للدولة من اجل حماية وتعزيز حقوق ذوي الاعاقة في داخل مجتمعاتها، وتدعوا جميع المسؤولين إلى إنفاذ نصوص هذه الاتفاقية والعمل على تطبيقها على الأرض وتذليل جميع الصعوبات التي قد تعرقل تنفيذها.
طرابلس – ليبيا
3 ديسمبر 2023
المنظمات الموقعة على هذا البيان:
1. جمعية الخير للأشخاص ذوي الإعاقة، صبراتة.
2. منظمة شموع لا تنطفي لذوي الإعاقة، صبراتة.
3. مؤسسة بلادي لحقوق الإنسان، مصراتة.
4. منظمة إحقاق للتنمية المستدامة لحقوق المرأة والطفل، طرابلس.
5. منظمة 17 فبراير للبيئة وحقوق الإنسان، طرابلس.
6. منظمة رواد الفكر ماترس.
7. منظمة التضامن لحقوق الإنسان، طرابلس.
8. منظمة شباب ماترس.
9. المنظمة العربية الدولية لحقوق المرأة، طرابلس.
10. جمعية تبينوا لحقوق الإنسان، طرابلس.
11. منظمة النصير لحقوق الإنسان، طرابلس.